كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأيضا: فإنه جعل حقيقة الرضى به ربا: أن يسخط عبادة ما دونه فمتى سخط العبد عبادة ما سوى الله من الآلهة الباطلة حبا وخوفا ورجاء وتعظيما وإجلالا فقد تحقق بالرضى به ربا الذي هو قطب رحى الإسلام وإنما كان قطب رحى الدين: لأن جميع العقائد والأعمال والأحوال: إنما تنبني على توحيد الله عز وجل في العبادة وسخط عبادة ما سواه فمن لم يكن له هذا القطب لم يكن له رحى تدور عليه ومن حصل له هذا القطب ثبتت له الرحى ودارت على ذلك القطب فيخرج حينئذ من دائرة الشرك إلى دائرة الإسلام فتدور رحى إسلامه وإيمانه على قطبها الثابت اللازم.
وأيضا: فإنه جعل حصول هذه الدرجة من الرضى موقوفا على كون المرضى به ربا سبحانه أحب إلى العبد من كل شيء وأولى الأشياء بالتعظيم وأحق الأشياء بالطاعة ومعلوم أن هذا يجمع قواعد العبودية وينتظم فروعها وشعبها.
ولما كانت المحبة التامة ميل القلب بكليته إلى المحبوب: كان ذلك الميل حاملا على طاعته وتعظيمه وكلما كان الميل أقوى: كانت الطاعة أتم والتعظيم أوفر وهذا الميل يلازم الإيمان بل هو روح الإيمان ولبه فأي شيء يكون أعلى من أمر يتضمن أن يكون الله سبحانه أحب الأشياء إلى العبد وأولى الأشياء بالتعظيم وأحق الأشياء بالطاعة.
وبهذا يجد العبد حلاوة الإيمان كما في الصحيح عنه أنه قال: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ومن كمان يحب المرء لا يحبه إلا لله ومن كان يكره أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقي في النار فعلق ذوق الإيمان بالرضى بالله ربا وعلق وجود حلاوته بما هو موقوف عليه ولا يتم إلا به وهو كونه سبحانه أحب الأشياء إلى العبد هو ورسوله ولما كان هذا الحب التام والإخلاص الذي هو ثمرته أعلى من مجرد الرضى بربوبيته سبحانه: كانت ثمرته أعلى وهي وجد حلاوة الإيمان وثمرة الرضى: ذوق طعم الإيمان فهذا وجد حلاوة وذلك ذوق طعم والله المستعان وإنما ترتب هذا وهذا على الرضى به وحده ربا والبراءة من عبودية ما سواه وميل القلب بكليته إليه وانجذاب قوى المحب كلها إليه ورضاه عن ربه تابع لهذا الرضى به فمن رضي بالله ربا رضيه الله له عبدا ومن رضي عنه في عطائه ومنعه وبلائه وعافيته: لم ينل بذلك درجة رضى الرب عنه إن لم يرض به ربا وبنبيه رسولا وبالإسلام دينا فإن العبد قد يرضى عن الله ربه فيما أعطاه وفيما منعه ولكن لا يرضى به وحده معبودا وإلها ولهذا إنما ضمن رضي العبد يوم القيامة لمن رضى به ربا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قال كل يوم: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا إلا كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة.
إذا عرف هذا فلنرجع إلى شرح كلامه قال: وبهذا الرضى نطق النزيل شير إلى قوله عز وجل: قال الله: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [المائدة: 119] وقال تعالى في آخر سورة المجادلة {وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وقال في آخر سورة لم يكن {خالدين خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} فتضمنت هذه الآيات: جزاءهم على صدقهم وإيمانهم وأعمالهم الصالحة ومجاهدة أعدائه وعدم ولا يتهم بأن رضي الله عنهم فأرضاهم فرضوا عنه وإنما حصل لهم هذا بعد الرضى به ربا وبمحمد نبيا وبالإسلام دينا قوله: وهو الرضى عنه في كل ما قضى هاهنا ثلاثة أمور: الرضاء بالله والرضا عن الله والرضا بقضاء الله فالرضى به فرض والرضى عنه وإن كان من أجل الأمور وأشرف أنواع العبودية فلم يطالب به العموم لعجزهم عنه ومشتقه عليهم وأوجبته طائفة كما أوجبوا الرضى به واحتجوا بحجج:
منها: أنه إذا لم يكن راضيا عن ربه فهو ساخط عليه إذ لا واسطة بين الرضى والسخط وسخط العبد على ربه مناف لرضاه به ربا قالوا: وأيضا فعدم رضاه عنه يستلزم سوء ظنه به ومنازعته له في اختياره لعبده وأن الرب تبارك وتعالى يختار شيئا ويرضاه فلا يختاره العبد ولا يرضاه وهذا مناف للعبودية قالوا: وفي بعض الآثار الإلهية من لم يرض بقضائى ولم يصبر على بلائي فليتخذ ربا سواي ولا حجة في شيء من ذلك.
أما قوله: إنه لا يتخلص من السخط على ربه إلا بالرضى عنه إذ لا واسطة بين الرضا والسخط فكلام مدخول لأن السخط بالمقضي لا يستلزم السخط على من قضاه كما أن كراهة المقضي وبغضه والنفرة عنه لا تستلزم تعلق ذلك بالذي قضاه وقدره فالمقضي قد يسخطه العبد وهو راض عمن قضاه وقدره بل قد يجتمع تسخطه والرضى بنفس القضاء كما سيأتي إن شاء الله وأما قولكم: إنه يستلزم سوء ظن العبد بربه ومنازعته له في اختياره فليس كذلك بل هو حسن الظن بربه في الحالتين فإنه إنما يسخط المقدور وينازعه بمقدور آخر كما ينازع القدر الذي يكرهه ربه بالقدر الذي يحبه ويرضاه فينازع قدر الله بقدر الله بالله لله كما يستعيذ برضاه من سخطه وبمعافاته من عقوبته ويستعيذ به منه فأما كونه يختار لنفسه خلاف ما يختاره الرب فهذا موضع تفصيل لا يسحب عليه ذيل النفي والإثبات فاختيار الرب تعالى لعبده نوعان: أحدهما: اختيار ديني شرعي فالواجب على العبد أن لا يختار في هذا النوع غير ما اختاره له سيده قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] فاختيار العبد خلاف ذلك مناف لإيمانه وتسليمه ورضاه بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا.
النوع الثاني: اختيار كوني قدري لا يسخطه الرب كالمصائب التي يبتلى الله بها عبده فهذا لا يضره فراره منها إلى القدر الذي يرفعها عنه ويدفعها ويكشفها وليس في ذلك منازعة للربوبية وإن كان فيه منازعة للقدر بالقدر فهذا يكون تارة واجبا وتارة يكون مستحبا وتارة يكون مباحا مستوى الطرفين وتارة يكون مكروها وتارة يكون حراما وأما القدر الذي لا يحبه ولا يرضاه مثل قدر المعائب والذنوب فالعبد مأمور بسخطها ومنهي عن الرضى بها.
وهذا هو التفصيل الواجب في الرضى بالقضاء وقد اضطرب الناس في ذلك اضطرابا عظيما ونجا منه أصحاب الفرق والتفصيل فإن لفظ الرضى بالقضاء لفظ محمود مأمور به وهو من مقامات الصديقين فصارت له حرمة أوجبت لطائفة قبوله من غير تفصيل وظنوا أن كل ما كان مخلوقا للرب تعالى فهو مقضى مرضي مخلوقا له ينبغي له الرضى به ثم انقسموا على فرقتين فقالت فرقة: إذا كان القضاء والرضى متلازمين فمعلوم أنا مأمورون ببغض المعاصي والكفر والظلم فلا تكون مقضية مقدرة وفرقة قالت: قد دل العقل والشرع على أنها واقعة بقضاء الله وقدره فنحن نرضى بها.
والطائفتان منحرفتان جائرتان عن قصد السبيل فأولئك أخرجوها عن قضاء الرب وقدره وهؤلاء رضوا بها ولم يسخطوها هؤلاء خالفوا الرب تعالى في رضاه وسخطه وخرجوا عن شرعه ودينه وأولئك أنكروا تعلق قضائه وقدره بها واختلفت طرق أهل الإثبات للقدر والشرع في جواب الطائفتين فقالت طائفة: لم يقم دليل من الكتاب ولا السنة ولا الإجماع على جواز الرضى بكل قضاء فضلا عن وجوبه واستحبابه فأين أمر الله عباده أو رسوله: أن يرضوا بكل ما قضاه الله وقدره وهذه طريقة كثير من أصحابنا وغيرهم وبه أجاب القاضي أبو يعلى وابن الباقلاني قال: فإن قيل: أفترضون بقضاء الله وقدره قيل له: نرضى بقضاء الله الذي هو خلقه الذي أمرنا أن نرضى به ولا نرضى من ذلك ما نهانا عنه أن نرضى به ولا نتقدم بين يدي الله تعالى ولا نعترض على حكمه وقالت طائفة أخرى: يطلق الرضى بالقضاء في الجملة دون تفاصيل المقضي المقدر فنقول: نرضى بقضاء الله جملة ولا نسخطه ولا نطلق الرضى على كل واحد من تفاصيل المقضي كما يقول المسلمون: كل شيء يبيد ويهلك ولا يقولون: حجج الله تبيد وتهلك ويقولون: الله رب كل شيء ولا يضيفون ربوبيته إلى الأعيان المستخبثة المستقذرة بخصوصها وقالت طائفة أخرى: نرضى بها من جهة إضافتها إلى الرب خلقا ومشيئة ونسخطها من جهة إضافتها إلى العبد كسبا له وقياما به وقالت طائفة أخرى: بل نرضى بالقضاء ونسخط المقضي فالرضى والسخط لم يتعلقا بشيء واحد.
وهذه الأجوبة لا يتمشى شيء منها على أصول من يجعل محبة الرب تعالى ورضاه ومشيئته واحدة كما هو أحد قول الأشعري وأكثر أتباعه فإن هؤلاء يقولون: إن كل ما شاءه وقضاه فقد أحبه ورضيه وإذا كان الكون محبوبا له مرضيا فنحن نحب ما أحبه ونرضى ما رضيه وقولكم: إن الرضى بالقضاء يطلق جملة ولا يطلق تفصيلا فذلك لا يمنع دخوله في جملة المرضي به فيعود الإشكال.
وقولكم: نرضى بها من جهة كونها خلقا لله ونسخطها من جهة كونها كسبا للعبد: فكسب العبد إن كان أمرا وجوديا فهو خلق لله فنرضى به وإن كان أمرا عدميا فلا حقيقة له ترضى ولا تسخط وأما قولكم: نرضى بالقضاء دون المقضي: فهذا إنما يصح على قول من يجعل القضاء غير المقضي والفعل غير المفعول وأما من لم يفرق بينهما: فكيف يصح هذا على أصله وقد أورد القاضي أبو بكر الباقلانى على نفسه هذا السؤال فقال: فإن قيل: القضاء عندكم هو المقضي أو غيره قيل: هو على ضربين فالقضاء بمعنى الخلق هو المقضي لأن الخلق هو المخلوق والقضاء الذي هو الإلزام والإعلام والكتابة: غير المقضى لأن الأمر غير المأمور والخبر غير المخبر عنه.
وهذا الجواب لا يخلصه أيضا لأن الكلام ليس في الإلزام والإعلام والكتابة وإنما الكلام في نفس الفعل المقدور المعلم به المكتوب: هل مقدره وكاتبه سبحانه راض به أم لا وهل العبد مأمور بالرضى به نفسه أم لا هذا هو حرف المسألة وقد أنكر الله سبحانه وتعالى على من جعل مشيئته وقضاءه مستلزمان لمحبته ورضاه فكيف بمن جعل ذلك شيئا واحدا قال الله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} [الأنعام: 148] وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النحل: 35] وقال تعالى: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} [الزخرف: 20] فهم استدلوا على محبته لشركهم ورضاه عنه بمشيئته لذلك وعارضوا بهذا الدليل أمره ونهيه وفيه أبين الرد لقول من جعل مشيئته غير محبته ورضاه فالإشكال إنما نشأ من جعلهم المشيئة نفس المحبة ثم زادوه بجعلهم الفعل نفس المفعول والقضاء عين المقضي فنشأ من ذلك إلزامهم بكونه تعالى راضيا محبا لذلك والتزام رضاهم به والذي يكشف هذه الغمة ويبصر من هذه العماية وينجي من هذه الورطة إنما هو التفريق بين ما فرق الله بينه وهو المشيئة والمحبة فإنهما ليسا واحدا ولا هما متلازمين بل قد يشاء ما لا يحبه ويحب ما لا يشاء كونه فالأول: كمشيئته لوجود إبليس وجنوده ومشيئته العامة لجميع ما في الكون مع بغضه لبعضه والثاني: كمحبته إيمان الكفار وطاعات الفجار وعدل الظالمين وتوبة الفاسقين ولو شاء ذلك لوجد كله وكان جميعه فإنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فإذا تقرر هذا الأصل وأن الفعل غير المفعول والقضاء غير المقضي وأن الله سبحانه لم يأمر عباده بالرضى بكل ما خلقه وشاءه: زالت الشبهات وانحلت الإشكالات ولله الحمد ولم يبق بين شرع الرب وقدره تناقض بحيث يظن إبطال أحدهما للآخر بل القدر ينصر الشرع والشرع يصدق القدر وكل منهما يحقق الآخر.
إذا عرف هذا فالرضى بالقضاء الديني الشرعي واجب وهو أساس الإسلام وقاعدة الإيمان فيجب على العبد أن يكون راضيا به بلا حرج ولا منازعة ولا معارضة ولا اعتراض قال الله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] فأقسم: أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله وحتى يرتفع الحرج من نفوسهم من حكمه وحتى يسلموا لحكمه تسليما وهذا حقيقة الرضى بحكمه فالتحكيم: في مقام الإسلام وانتفاء الحرج: في مقام الإيمان والتسليم: في مقام الإحسان.
ومتى خالط القلب بشاشة الإيمان واكتحلت بصيرته بحقيقة اليقين وحيى بروح الوحي وتمهدت طبيعته وانقلبت النفس الأمارة مطمئنة راضية وادعة وتلقى أحكام الرب تعالى بصدر واسع منشرح مسلم: فقد رضي كل الرضى بهذا القضاء الديني المحبوب لله ولرسوله والرضى بالقضاء الكوني القدري الموافق لمحبة العبد وإرادته ورضاه من الصحة والغنى والعافية واللذة أمر لازم بمقتضى الطبيعة لأنه ملائم للعبد محبوب له فليس في الرضى به عبودية بل العبودية في مقابلته بالشكر والاعتراف بالمنة ووضع النعمة مواضعها التي يحب الله أن توضع فيها وأن لا يعصى المنعم بها وأن يرى التقصير في جميع ذلك والرضى بالقضاء الكوني القدري الجاري على خلاف مراد العبد ومحبته مما لا يلائمه ولا يدخل تحت اختياره مستحب وهو من مقامات أهل الإيمان وفي وجوبه قولان وهذا كالمرض والفقر وأذى الخلق له والحر والبرد والآلام ونحو ذلك والرضى بالقدر الجاري عليه باختياره مما يكرهه الله ويسخطه وينهى عنه كأنواع الظلم والفسوق والعصيان: حرام يعاقب عليه وهو مخالفة لربه تعالى فإن الله لا يرضى بذلك ولا يحبه فكيف تتفق المحبة ورضى ما يسخطه الحبيب ويبغضه فعليك بهذا التفصيل في مسألة الرضى بالقضاء.